للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لِلَّهِ} [الانفطار: ١٩]، فإنَّ الخلق في الدنيا (١) متمكنون من كثير من الأعمال التي

يُحمدون عليها، وإن كان في الحمد ما تقدم، وتكون منهم باختيارهم؛ فأما يوم القيامة فليس فيه شيء من ذلك. وإنما فيه الشفاعة، وهي نفسها لله عزَّ وجلَّ. قال سبحانه: {قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا} [الزمر: ٤٤]. ولا تكون إلا بعد إذنه ورضاه. قال تعالى: {يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا} [طه: ١٠٩]. [ل ٥٨/ب] وقال تعالى في الملائكة: {وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى} [الأنبياء: ٢٨].

والآيات في ذلك كثيرة، والأحاديث الصحيحة في الشفاعة مبيِّنة لذلك.

ومن فوائدها: تقريرُ ربوبيته عزَّ وجلَّ، فإنَّ ظهورَ مُلكه بالضم ومِلكه بالكسر واختصاصَه بهما وظهورَ تدبيرِه المتقَن يكون يوم القيامة أوضحَ وأظهَر.

ومنها: تقريرُ رحمته عزَّ وجلَّ. وفي "الصحيحين" (٢) عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قال: "إن لله مائة رحمة، أنزل منها رحمةً واحدةً بين الجن والإنس والبهائم والهوامِّ، فبها يتعاطفون، وبها يتراحمون، وبها تعطِف الوحشُ على ولدها. وأخَّر الله تسعًا وتسعين رحمةً يرحم بها عبادَه يوم القيامة".

ومنها: تقريرُ توحيده، والردُّ على المشركين الذين يعبدون الملائكة وغيرهم لينفعوهم يوم القيامة. فمنهم من يقول: إن معبوده يأخذ يوم القيامة


(١) في الأصل: "الدين"، من سبق القلم.
(٢) من حديث أبي هريرة. وهذا لفظ مسلم (٢٧٥٢). وانظر: البخاري (٦٠٠٠).