للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في الذهاب إلى سيِّده، فقد تكتفي بأن تدلَّه على رأس الطريق التي ينبغي له سلوكُها لِيصلَ إلى بيت سيده، فتقول له: هذه أو تلك هي الطريق التي توصلك. فهذا الوجه الأول.

وقد يكون العبد أحمق يستكبر عن قبول إرشادك، أو يكون هناك من يريد به الشرَّ، يشير له إلى طريق أخرى، فيميل إليه، فتأخذ بيد العبد، وتجرُّه إلى الطريق الموصلة إلى بيت سيِّده، وتقيمه عليها، وتحمله على سلوكها، ثم لا تزال تلطُف به مرة وتشتدُّ عليه أخرى، حتى يذعن أخيرًا لسلوكها. فهذا الوجه الثاني.

ثم بعد قيامه أو إقامتك إياه على رأس الطريق قد تنعتُ له الطريق من هناك إلى بيت سيِّده. فهذا الوجه الثالث.

وقد تتقدَّمه، وتسير معه، تدلُّه على الطريق، تاركًا الخيرة له في كل موضع. فإن استمرَّ على موافقتك لم تفارقه حتى توصله إلى بيت سيِّده. وإن أدركه الحمق في بعض الطريق، فأبى إلا الخروج منها، تركتَه وشأنَه. فهذا هو الوجه الرابع.

وقد تتقدَّمه، وتسير معه أيضًا عازمًا أن تُوصِلَه ولابدّ، فأنت تأخذه بالوعد والوعيد، وتُبعد عنه ما من شأنه أن يحمله على المخالفة، وتحرُسُه ممن يريد أن يُضِلَّه، وتَصرِفه عن المخالفة بالإكراه أو قريبٍ منه في بعض الأوقات. وهكذا حتى تُوصلَه. وهذا هو الوجه الخامس.

والهداية إلى صراط الحق جارية على نحو هذا. فالوجه الأول يقع من الله عزَّ وجلَّ بإرساله الرسل، ومن الرسل ثم من أتباعهم بالدعوة.