الثاني: أن نظائره في القرآن هي في شأن الملائكة؛ كقوله تعالى:[٢٣/ب] {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ (٢٦) لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ (٢٧) يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ} [الأنبياء: ٢٦ - ٢٨].
الثالث: قوله تعالى: {وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا}، وهذا دفع لما يتوهم أنه محتاج إلى من يعينه على حفظهما، وإنما يتوهم احتياجه في حفظهما إلى الملائكة.
وقد يكون في قوله تعالى:{يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ} إشارة إلى معنى يدفع شبهات الطاعنين على الجهاد؛ لأن فيها بيان إحاطة علمه تعالى، وقصور علم ملائكته، فضلًا عن غيرهم.
فكأنه يقول: هَبُوا يا معشر الطاعنين أنكم لم تفهموا حكمة الجهاد وعدله، فذلك لا يدل على عدم الحكمة والعدل فيه؛ لأن علمكم قاصر، وعلم الله تعالى ــ وهو شارع الجهاد ــ محيط. فينبغي لكم أن تنظروا في الأدلة الأخرى القاضية بأن هذا الجهاد من أمر الله تعالى، وتقنعوا بذلك، وإن لم يظهر لكم حكمة الجهاد وعدله في نفسه.