والإحسان، كما في حديث جبريل (١). والإيمان هو الأعظم. مع أن الإسلام والإحسان لا يمكن الإدخال فيه بالإكراه؛ لأن تحققه متوقف على الإيمان، فغير المؤمن لا يمكن أن يصلي أو يصوم أو يحج أو يعمل شيئًا من الأعمال الدينية؛ لأنه إذا عمل الأعمال التي تسمى في الظاهر صلاةً لم تكن أعماله تلك صلاة شرعية التي هي من الدين. وهكذا.
وأيضًا، فالأعمال الدينية يتوقف الاعتداد بها من الدين على النية، والنية لا يمكن تحصيلها بالإكراه.
فإن قلت: فما وجه ارتباط هذه الجملة بما قبلها؟
فالجواب: أن الله عز وجل لما قدم بيان حكمة الجهاد، وكونه حقًّا من عنده ــ كما تقدم بيانه ــ وبيَّن وضوح الحق وسقوط أعذار الكفار، وأنهم هم الظالمون= كان ذلك مظنة لأن يحمل المسلمين على الغلو في الجهاد حبًّا للحق ورغبة في قبول الناس به، فدفع الله تعالى هذا ببيانه أن الدين لا يحصل بالإكراه.
فدل بذلك على أن الجهاد ليس المقصود منه الإكراه على الدين، وإنما المقصود منه حكم أخرى بيَّن الله تعالى بعضها فيما سبق، وبعضها يفهمه العقلاء، وباقيها يعلمها الله تعالى، كما تقدمت الإشارة إليه في آية الكرسي.
فإذا كان كذلك فعلى المسلمين أن يقتصروا من الجهاد على ما شرعه الله تعالى، ولا يغلوا فيه؛ فإن الغلو إنما يبعثهم عليه الرغبة في دخول الناس
(١) البخاري: كتاب الإيمان، باب سؤال جبريل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الإيمان والإسلام والإحسان (٥٠)، ومسلم: كتاب الإيمان، باب بيان الإيمان والإسلام (٩، ١٠).