للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الزهري أجلُّ من هشام، لكن قد ينظر فيما في روايته من وجهين:

الأول: أن صداق المثل، وهو المعبَّر عنه بـ"أعلى سنتها" لا بد أن يكون معروفًا، فإن بذله الولي فقد وُجد الإقساط يقينًا، فلا محل لخوف عدمه. وإن نقص عنه فقد وجد عدم الإقساط يقينًا، وذلك [ص ٤] خلاف الأصل في "إن"، وفي "الخوف" كما تقدم.

الثاني: أن اليتيمة إذا أعجب وليَّها جمالُها ومالُها، فهو بنكاحه لها يرى أنه قد احتفظ بمالها له أو لورثته، فيبعد مع هذا أن ينقصها من مهر المثل، وهو يرى أن سبيله كسبيل أصل مالها، أي أنه محفوظ له ولورثته، فاحتمال النقص هنا كأنّه نادر، والأولى حمل القرآن على ما يكثر وقوعه.

وقد يزاد وجه ثالث: وهو أن نكاحه إياها إنما يكون برضاها بعد بلوغها، فإذا رضيت بدون مهر المثل، فأي حرج على الولي في ذلك؟ وهي لو وهبته جميع مالها برضاها لحلَّ له أخذه بلا شبهة. لكن قد يقال: لعلها لم تسمح بنقص المهر ابتداءً، ولكنه عضلها عن أن تنكح غيره، ولم يكن لها من يخاصم عنها، فرأت أنها إذا لم تسمح بقيت عانسًا، فاضطرت إلى السماح.

وفي الوجهين الأولين كفاية.

وما في رواية هشام أقرب إلى ظاهر الآية، إلا أن قوله: "وليس لها أحد يخاصم عنها، فلا يُنكحها (بضم الياء) "، لا أرى له حاجة. فالأولى أن تشمل الآية هذا، بأن كان أجنبي قد رغب فيها، فعضلها الولي؟ وتشمل ما إذا لم يرغب فيها أجنبي بعد، وأحب الولي أن يبادر إلى خطبتها ونكاحها؛ ليحتفظ بمالها، فرضيت المسكينة متوهمةً أنها قد أعجبت الولي لنفسها، وعدَّت ذلك غنيمةً؛ لأنها لعدم جمالها تشكُّ في رغبة غيره فيها.