للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعد هذا رأيتُ في "حاشية العلامة الصاوي على الجلَالَيْن" (١) ما لفظه: "قوله: {وَلَا تُسْرِفُوا} أي: تتجاوزوا الحدّ بإخراج كلّه للفقراء، أو بعدم الإخراج من أصله، أو بإنفاقه في المعاصي. والأقربُ الأوّل الذي اقتصر عليه المفسِّر؛ لأن سبب نزولها أنَّ ثابت بن قيس صرم خمسمائة نخلة يوم أُحُد، ففرَّقها ولم يترك لأهله شيئًا".

وفي "أسباب النزول" للسيوطي (٢) ما لفظه: "قوله تعالى: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا} الآية: أخرج ابن جرير عن أبي العالية، قال: كانوا يعطون شيئًا سوى الزكاة، ثم تسارفوا، فنزلت هذه الآية.

وأخرج عن ابن جريج أنها نزلت في ثابت بن قيس بن شماس، جَدَّ نخله، فأطعَمَ حتى أمسى وليست له ثمرة".

وعلى صحة هذا، فلا مانع من أن يكون قوله: {وَلَا تُسْرِفُوا} عائد (٣) إلى قوله: {كُلُوا}، كما قررناه. وتكون مناسبة سبب النزول في قوله: {حَقَّهُ}، أو يكون {وَلَا تُسْرِفُوا} عائد (٤) إليهما معًا: إلى {كُلُوا} وإلى {وَآتُوا} تأكيدًا

لمفهوم {حَقَّهُ}.

ويُجْمَع بين هذا وبين أدلَّة الإيثار بأنَّ الإيثار مستحبٌّ إذا كان على النفس،


(١) (٢/ ٤٥ ــ ٤٦).
(٢) على حاشية "تفسير الجلَالَين" (٢٠٧). وانظر: "تفسير الطبري" (١٢/ ١٧٤).
(٣) كذا في الأصل بدلًا من "عائدًا".
(٤) كذا في الأصل.