للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال (١) ابن مالك: فإن قيل: ما الذي دعا إلى تقدير اسم لها محذوف، وجعلِ الجملة بعدها في موضع خبرها؟ وهلَّا قيل: إنها ملغاة ولم يتكلف الحذف! فالجواب: أن سبب عملها الاختصاص بالاسم، فما دام الاختصاص ينبغي أن يعتقد أنها عاملة، وكون العرب تستقبح وقوع الفعل (٢) بعدها إلا بفصل. ثم لا يلزم أن يكون ذلك الضمير المحذوف ضمير الشأن، كما زعم بعض المغاربة، بل إذا أمكن عوده إلى حاضر أو غائب معلوم كان أولى. ولذا قدَّر سيبويه في {أَنْ يَاإِبْرَاهِيمُ (١٠٤) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا} [الصافات: ١٠٤ - ١٠٥] أنْك.

ولا يكون خبرها مفردًا، بل جملة إما اسمية مجردة صدرها المبتدأ نحو {وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ} [يونس: ١٠] أو الخبر نحو:

أنْ هَالِكٌ كلُّ مَنْ يَحْفى وَيَنْتَعِلُ (٣)

أو مقرونة بـ"لا" نحو {وَأَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} [هود: ١٤] أو بأداة شرط نحو {أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ} [النساء: ١٤٠] أو بـ"رُبَّ" نحو:


(١) لا توجد الواو في مطبوعة "الهمع".
(٢) كذا في الأصل. وفي مطبوعة الهمع: "الأفعال".
(٣) من شواهد سيبويه (٢/ ١٣٧)، (٣/ ٧٤، ٤٥٤)، وصدره:
في فتية كسيوف الهند قد علموا
والبيت للأعشى، وسيأتي كاملًا في ص (٢٧١).