للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإن حاول التفصِّي منه بقوله: أي مُخرِجًا. ومراده الاعتذار بأن الحال تكون مقدَّرة، أي والأرض بعد ذلك دحاها مقدَّرًا أنه سيُخرج منها ماءها ومرعاها. وهذا (١) باطل لما مرَّ، فإنَّ أول الكلام صريح في أنَّ التقدير: والأرضَ بعد ذلك دحاها، والحالُ أنه قد أخرج منها ماءها ومرعاها. وهذا صريح في تقدُّم الإخراج، فمن أين تصحُّ دعوى جعلها حالًا مقدَّرة؟ وكيف يصحُّ أن تكون الحال محكيَّةً مقدَّرةً باعتبار واحد؟ هذا خُلْف.

[٣/أ] فالحقُّ ــ إن شاء الله تعالى ــ ما قلناه: أنَّ معنى {دَحَاهَا}: أزال عن وجهها شيئًا كان مانعًا لها عن إخراج مائها ومرعاها.

وقد قال في «الأضداد» (٢) في {بَعْدَ}: «ويكون بمعنى (قبل)، قال الله عزَّ وجلَّ: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ} [الأنبياء: ١٠٥] فمعناه عند بعض الناس: من قَبل الذكر، لأنَّ الذكر:

القرآن. وقال أبو خِراش (٣):

حمِدتُ إلهي بعدَ عروةَ إذ نجا ... خِراشٌ وبعضُ الشرِّ أهَونُ من بعض

أراد: قبل عروة، لأنَّهم زعموا أنَّ خِراشًا نجا قبل عروة (٤).

وقال الله عزَّ وجلَّ: {وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا}» إلى أن قال: «ويجوز أن


(١) كذا في الأصل بدلًا من «فهذا» لأنه جواب الشرط.
(٢) (ص ١٠٨).
(٣) انظر: «شرح أشعار الهذليين» (١٢٣٠) و «حماسة أبي تمام» (١/ ٣٨٥).
(٤) وكذا في «تفسير الطبري» - هجر (٢٤/ ٩٣). وفي قتل خراش روايتان: إحداهما في «الكامل» للمبرد (٧١٢) والأخرى في «الأغاني» (٢١/ ٢٤٢) والثانية صريحة في أن عروة قُتِل قبل خراش، وليس في الأولى ما يخالف ذلك.