لأنني وجدت العبارة في ص ٢٦٧ من المجلد الأول طبع القسطنطينية سنة ١٢٦٧ هـ ــ وسيأتي نصها ــ فرابني قوله:"الثابت في كتب المؤرخين"، فإني قد تتبعت ما وجدته من كتبهم، فلم أجد فيها ذلك التحديد، ولو كان ظاهرًا لنبَّه عليه بعضهم.
ثم كيف خفي ذلك على صاحب "كشف الظنون" مع سعة اطلاعه وكثرة تتبعه؟ وكيف خفي على الزبيدي حتى احتاج إلى تعليقه عن كتاب الخفاجي، ثم خفي على من بعده حتى لم يجدوا إلا النقل عن خط الزبيدي عن كتاب الخفاجي؟
إذن لابد من النظر في التفسير نفسه، في تفسير سورة الأنبياء وما قبلها وما بعدها. فزادني ارتيابًا بقول الخفاجي أنني وجدت الروح واحدة والأسلوب واحدًا، حتى إنني كدت أجزم أو جزمت بأن تفسير سورة الأنبياء وسورٍ بعدها من هذا التفسير هو تصنيف مفسر سورة الكهف وسورة مريم وسورة طه منه. وراجعت مواضع من تفسير البقرة وآل عمران، ونظرت نظرة في أواخر التفسير، فوجدته أيضًا موافقًا لذلك.
وعثرت على إحالة في تفسير سورة الإخلاص لفظها:"وقد استقصينا في تقرير دلائل الوحدانية في تفسير قوله: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا}[الأنبياء: ٢٢] "، وهذه الآية في سورة الأنبياء، فخطر لي احتمال أن يكون قائل:"إن الرازي وصل إلى سورة الأنبياء" إنما أخذ ذلك من هذه العبارة مضمومةً إلى نصوص المؤرخين أن الرازي لم يكمل التفسير، وإنما أكمله غيره؛ فإن العادة في تصنيف التفاسير أن يبدأ المفسر من أول القرآن ثم يجري على الترتيب. والظاهر أن الرازي هكذا صنع، وقد نصُّوا على أنه لم