للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في الصحة والضعف، والمفسرون يذكرون تفاصيل القصص من غير بحث عما ثبت وعما لم يثبت، وهذا ربما يعظم ضرره، وربما يصرف عن صحيح التأويل. فلا بد أولًا من الفرق بين المنصوص وبين المأخوذ من الروايات، ثم لا بد ثانيًا من التمييز بين ما ثبت وبين ما لم يثبت" (ص ١٥).

ثم نظر المعلِّم رحمه الله في الروايات ثلاث نظرات: الأولى فيما زعموا من سبب مجيء أبرهة ومما جرى بينه وبين أهل مكة، والثانية فيما كان من رمي أصحاب الفيل، والثالثة في أمر الطير. وافتتح النظرة الأولى بقوله:

"كل ما ذكروا من سبب مجيء أبرهة لغضبه على العرب ومن فرار أهل مكة ومما جرى بين أبرهة وعبد المطلب لم يثبت من جهة السند، فإن كل ذلك لا يجاوز ابن إسحاق، ومعلوم عند جهابذة أهل الحديث أنه يأخذ الروايات من اليهود وممن لا يوثق به. ثم يبطل هذه الأمور روايات أخر، ويبطله ما ثبت عندنا من عادات العرب. ومما يدل على كونها من أكاذيب الأعداء أنها ما تعمدت إلا غضاضة من العرب وحميتهم، وإهانة لرئيسهم عبد المطلب القرشي، وتنويهًا بحسن خلق أبرهة الحبشي ومسبة على من هيجه على هدم الكعبة، وبسطًا لعذره إذا انتصر لكنيسته. فلم يترك الكذابون شيئًا من الذلة والمنقصة والعار والشنار إلا نسبوها إلى العرب وقريش ورئيسها، فلا نكتفي هاهنا بإرسال القول فيها بل نذكر لك الوجوه التي تدل على كذب هذه الروايات" (ص ١٦).

ثم ذكر سبعة وجوه تدل عنده على كذب الرواية، والسادس منها أنهم زعموا أن أبرهة كان رجلًا حليمًا، وإنما هيجه أحد بني فقيم إذ دخل كنيسته