من طريق الخبر لأخذنا به، وقرَّت به العينان، ولكنه لم يثبت، وأمر الدين ليس بهيّن، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - :"كفى بالمرء كذبًا أن يحدث بكل ما سمع"، فعمدنا إلى طريق الاستنباط، فإن المستنبط من الصحيح الثابت أولى بالصواب من الصريح الذي لم يثبت". ثم ذكر أمارات ووجوهًا تبين أن مناسبة رمي الجمار لرمي أصحاب الفيل أظهر من مناسبته لرمي الشيطان.
تكلم المعلمي رحمه الله على هذه المسألة في الفصل الثامن (ح)، وذكر بعض الروايات الجيدة التي وردت في رمي الجمار، ورجح أن تعرض الشيطان لإبراهيم كان ليصده عن معرفة المناسك والإتيان بها.
وذكر أن ما جاء في بعض روايات الابتلاء بالذبح أن الشيطان تعرض لإبراهيم فلم يجده من وجه يثبت، فإن صح فهي قصة أخرى غير هذه. ثم تناول الشيخ الأمارات والوجوه التي ذكرها المعلِّم رحمه الله بنقد مفصل.
أما القسم الثاني من الرسالة فرتبه المعلمي رحمه الله على مقدمة وبابين. المقدمة في عمود السورة وربطها بالتي قبلها والتي بعدها، ورجح أن عمودها ــ يعني موضوعها، وهو من مصطلحات المعلِّم رحمه الله ــ تهديد العصاة الذين ألهاهم التكاثر عن الآخرة، بينما يرى المعلِّم رحمه الله أن عمودها هو الامتنان على قريش.
وجعل عنوان الباب الأول: "في تفسير السورة على ما أفهم وفاقًا لأهل العلم"، وفسر السورة آية آية، وتحت كل آية فصول رقّمها بالعدد لا بحروف الجمّل كما فعله في القسم الأول. وفسر الآية الأولى في ثمانية فصول أولها عن دلالة الاستفهام في الآية، فبيّن أصل معنى الاستفهام والمعاني الأخرى المجازية، وتكلم عليها كلامًا حسنًا.