للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيه: "إذا كان أحدكم يصلي فلا يدع أحدًا يمر بين يديه، فإن أبى فليقاتله، فإن معه القرين". وفي رواية: "إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره ... " (١).

أحاديث السترة وقطع الصلاة تدل أن المقصود من السترة منع الشيطان الجني من المرور. وإيضاح ذلك وبيان وجهه، له موضع آخر. والمقصود هنا: أن الجدار والعصا [ص ٥٢] أمام المصلي ليس من شأنها أن تمنع الشيطان عن المرور منعًا طبيعيًّا، وإنما الذي يمنعه الله عزَّ وجلَّ بقدرته، فشرط الله عزَّ وجلَّ لمنعه أمرين: التعوذ، مع فعل الإنسان ما يقدر عليه مما من شأنه أن يمنع في الجملة، على نحو ما مرّ.

ولهذا إذا تعوذ الإنسان ونصب السترة، ثم ترك إنسانًا يمرّ بين يديه مرّ الشيطان معه؛ لأن المصلي قد قصّر فيما يقدر عليه من منع المارّ.

وهناك شواهد أخرى على هذا الأصل، وهو أن على الإنسان أن يسعى ويجتهد في جلب النفع، ودفع الضرر بالأسباب العادية أو ما يشبهها. فإذا فعل ذلك، والتجأ إلى ربه، أغاثه الله. وإن قصّر فيما يقدر عليه، لم يستحق أن يغيثه. وفيما ذكر كفاية. والله الموفق.

وبقي أمر ثالث، لم ينبه عليه المعلِّم رحمه الله. وهو أن الله عزَّ وجلَّ إذا أظهر معجزة لنبيٍّ جعل لذلك النبي صلة بها، ليعلم الناس أنها معجزة له.

فهذه ثلاثة أمور:

١ - الحجاب.

٢ - بذل الوسع من الأسباب العادية.

٣ - بيان أن هذا الخارق معجزة لهذا النبي.


(١) صحيح مسلم، كتاب الصلاة، باب منع المار بين يدي المصلي. [المؤلف]. (٥٠٦).