للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإنما المقصود تطييب نفس إبراهيم عليه السلام، وتطييب نفس محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وتكريمه. وذلك لا يدعو إلى الحجاب، بل ينافيه.

وقد يحصل شيء من ذلك لغير الأنبياء تبعًا، كما شاهده الصحابة من البركة في الماء، والطعام؛ وما سمعوه من تسبيح الطعام، وحنين الجذع، وغير ذلك.

وقد يكون منه ما في قوله تعالى: {وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ} [البقرة: ٦٠].

ومن ذلك الآيات القاضية التي تقترحها الأمم المعاندة على أن يعاجلها العذاب [ص ٥٥] إن لم تؤمن، فإنه لا يترك لهم مهلة للنظر، حتى تقتضي الحكمة حجابًا، ولو جعل حجاب لما حصل مقترحهم، فمن ذلك ما يروى أن قريشًا اقترحوا على النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يجعل لهم الصفا ذهبًا، فأوحى الله إليه: إن شئت أصبح الصفا ذهبًا، فإن لم يؤمنوا عذّبتُهم. فقال: لا، بل أنتظر بهم، أو كما قال (١).

ومما يشبهه اقتراح الحواريين على عيسى نزول مائدة من السماء فقال الله تعالى: {إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ} [المائدة: ١١٥].


(١) راجع مسند أحمد (١/ ٢٤٢ , ٢٥٨) [٢١٦٦، ٢٣٣٣]، والمستدرك (٢/ ٣٦٢) [٣٢٢٥، ٣٣٧٩]. [المؤلف].