للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فهذا الذي قررته هو الذي يتبين به حسن الانتظام، وقوة ارتباط الكلام. وهذا هو المقصود الأعظم للمعلم رحمه الله حتى سمى تفسيره: "نظام القرآن".

ولكنه رحمه الله ضحى بهذا المقصد في سبيل نفي الرمي عن الطير، فتعسف وتردد، فإنه ذكر أولًا فصلًا يقرر به أن الخطاب في قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ} ليس للنبي صلى الله عليه وآله وسلم. [ص ٩٤] قال فيه (١): "فهؤلاء المشركون أولى بأن ينبهوا على ما غفلوا عنه، كأنه قيل لهم: هلّا تعبد رب هذا البيت، وتوكل عليه، وتدع الشرك، فإنّه هو الذي نصرك ... فإن صرف [هذا] (٢) الخطاب إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا بد أن يراد به تسليته من الله تعالى، وأنه كما هزم جنود أعداء هذا البيت، فكذلك سيهزم هؤلاء المشركين ... فهذا المحمل، وإن صحّ خطابًا بالنبي (؟ ) صلى الله عليه وآله وسلم، ولكن إذا قرأه النبي صلى الله عليه وآله وسلم [عليهم] صار حجة لهم، فإنهم حينئذٍ يقولون: نحن أولى بنصر الله، فإنا ولاة بيته ... فلا يحسن تأويل السورة إلى تهديدهم، وإنما يحسن تأويلها إلى تحريضهم على التوحيد بشكر النعمة (٣) ... ".

ثم ذكر عمود السورة، وربطها بالتي قبلها فقال: " [ذكر القرآن] في السورة السابقة كل همزة لمزة ... ففي هذه السورة إشهاد على ما فعل بأمثاله ... فذكّر القرآن هذا الغني المختال هذه الواقعة التي شهدها بعينه، فإنه من


(١) تفسير سورة الفيل (٥ - ٦).
(٢) ما بين الحاصرتين هنا وفيما يأتي زيادة من كتاب المعلم.
(٣) كذا في الأصل. وفي كتاب المعلِّم (٦): "بذكر النعمة ... ".