[ص ٩٨] وقد يتوصل بصورة تقرير يظهر منه الإثبات أو النفي إلى إفادة شدة بعد الانتفاء في الأول، والثبوت في الثاني، ليفاد بالاستبعاد قوة المقتضي في الأول، والمانع في الثاني.
ثم إن كان المقتضي أو المانع طبيعيًا ــ ولا لوم ــ فذاك الاستفهام التعجبي، كقول من يعتقد حياة الخضر: ألم يمت الخضر بعد؟ وقول الذي كلمه الذئب: أذئب يتكلم؟
وإن كان هناك لوم فهو الإنكار التوبيخي. فإن لم يمكن التدارك فهو لمجرد التقريع، كقولك لمن مات عنده إنسان جوعًا: ألم تطعمه حتى مات؟ وقول الله عزَّ وجلَّ:{يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ}[آل عمران: ١٠٦].
وإن أمكن التدارك فهم منه الأمر أو النهي، فالأول: كقوله تعالى:
{وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ}[آل عمران: ٢٠]، أي فأسلموا الآن، وما أخبر به سبحانه من قول إبراهيم لقومه:{قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ}[الصافات: ٩٥] أي فمن الآن لا تفعلوا.
وكثيرًا ما يقترن التوبيخ بالتعجب، كما في هذا المثال، وكما أخبر الله عزَّ وجلَّ عن المشركين:{أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ}[ص: ٥].
واعلم أن من الوجوه التي مثل لها بما صورته استفهام عن النفي قد تأتي بصورة الإثبات، وعكسه، كقول معتقد حياة الخضر: آلخضر حي إلى الآن؟ وقولك لكافر: ألم تسلم؟