للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

به ما وقع في الماضي القريب، أو يقع في المستقبل القريب، لملابستهما الحال بالمجاورة. وهذا في الزمان شبيه بما يقع من التجوُّز في المكان نحو قوله تعالى حكاية عن فرعون: {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} [طه: ٧١]. شبه الإلصاق بالجذوع بالإدخال فيها.

ويوضِّحه أنَّ كلمة "الآن" موضوعة لزمن التكلم، ثم تجدها تُستعمل في الماضي القريب، كقول زياد الأعجم يرثي المغيرة بن المهلب:

الآن لمَّا كنتَ أكرمَ مَن مشَى ... وافترَّ نابُكَ عن شباة القارح (١)

أي الآن تموت؟ مع أنه إنما رثاه بعد موته. ويستعجلك صاحبك فتقول: الآن أخرج إليك، تريد: عن قرب.

وقد حمل عليه قوله عز وجل: {فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ} [البقرة: ١٨٧]، وقوله سبحانه حكاية عن الجن: {وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا} [الجن: ٩]، لأنَّ مَن الشرطية تُخلص المضارع للمستقبل، وفي هذا بحث.

وقد تطلق كلمة "الآن" على ما يحيط بزمن التكلم متسعًا، كقولك: كنت قبل سنة مهاجرًا لزيد، أما الآن فإننا نتزاور. وانظر هذا مع المضارع الاستمراري.

[ص ٢٧] (٢) ومنها: التحقق، فإنَّ من شأن الواقع في الحال أن يكون


(١) ستأتي الحوالة. [المؤلف].
(٢) الصفحة (٢٦) كتب فيها سطرًا، ثم ضرب عليه، فهي فارغة.