الجواب واضح، وهو أن الكوثري خشي إن نَسَب الكلام إلى صالح بن أحمد الحافظ أن يتنبَّه القارئ فيقول: الظاهر أن صالح بن أحمد الحافظ هذا هو الواقع في سند الخطيب والظاهر أنه غير القيراطي لوجهين:
الأول: أن القيراطي مطعون فيه، فلم يكن الحفَّاظ ليعتدُّوا بكلامه في القاسم، وكذلك الأستاذ الكوثري لم يكن ليعتدَّ بكلام القيراطي.
الثاني: أن كلام صالح في الترجمة يدل أنه تأخر بعد القاسم، والقيراطي توفي قبل القاسم باثنتين وعشرين سنة، وبهذا يتبين أيضًا أن الكلام في القاسم لا يضره بالنسبة إلى رواية الخطيب، لأنها من رواية صالح بن أحمد الحافظ نفسه عنه وهو المتكلم فيه، فلم يكن ليروي عنه إلا ما سمعه منه من أصوله قبل ذهابها، فأعرض الأستاذ لهذين الغرضين عن صالح بن أحمد الحافظ، ونسبَ كلامه إلى العراقي، وحذف من العبارة ما فيه ثناء على القاسم. وهذه عادةٌ له، ستأتي أمثلة منها إن شاء الله تعالى.
[ص ٩] والمقصود هنا إثبات أن الأستاذ قد عرف يقينًا أن صالح بن أحمد الواقع في السند ليس هو بالقيراطي، بل هو ذاك الحافظ الفهم الثقة الثبت (١)، ولكن كان الأستاذ مضطرًا إلى الطعن في تلك الرواية، ولم يجد في ذاك الحافظ مغمزًا، ووقعت بيده ترجمة القيراطي المطعون فيه، وعرف أن هذا الفن أصبح بغاية الغُربة، فغلب على ظنه أنه إذا زعم أن الواقع في السند هو القيراطي لا يردّ ذلك عليه أحد، فأما الله تبارك وتعالى فله معه حساب آخر، والله المستعان.
(١) وليس من شأن الأستاذ تقليد معظمه ولا لجنته، وقد انتقدهما ص ٥٦ في "تأنيبه" حيث لم يكن له هوى في موافقتهما. [المؤلف]. وهذا التعليق مما زاده المؤلف في (ط. الثانية).