هَرِم واختلّ ضبطُه! [ص ٦٨] ولا أعرف أحدًا قبل الأستاذ زعم هذا.
نعم ذكروا أنه رضي الله عنه لما كبر نسيَ بعضَ حديثه، لكن لا يلزم من النسيان اختلال الضبط؛ فإن الناسي إن نسي الحديث أصلًا لم يحدِّث به البتة، وكيف يحدِّث به وهو ناسٍ له؟ وإن عَرَض له تردُّد في قصة أو في بعضها، فإنه إذا كان ضابطًا لم يحدّث بها، أو يحدِّث بها ويبين التردد والشك، فالضابط هو الذي لا يحدِّث إلا بما يتقنه، فما لم يتقنه لم يحدِّث به أو حدَّث به وبين شكَّه، سواء أكان عدم الاتقان لذاك الحديث من أول مرة عند التلقي أم عارضًا.
وزعمه أنه هَرِم غيرُ قويم؛ لأن الهرم أقصى الكبر، ولم يبلغ أنس أقصى الكبر، أما من جهة كبر السن فقد قيل: إنه لم يجاوز المائة، وقيل: بل جاوزها بثلاث سنين، وغلّطوا من قال: إنه جاوزها بسبع سنين وقد كان في عصره مِنْ قومه وغيرِهم من عاش فوق ذلك، فبلغ حسَّان مائة وعشرين سنة، وكان سُويد بن غَفَلة يؤمُّ الناسَ في قيام رمضان وقد أتى عليه مائة وعشرون سنة، ثم عاش حتى تمّ له مائة وثلاثون سنه، وبلغ أبو رجاء العُطاردي مائة وسبعًا وعشرين سنه، وبلغ أبو عمرو سعد بن إياس الشيباني مائة وعشرين سنة، وبلغ المعرور بن سويد مائة وعشرين سنة، وبلغ زِرُّ بن حُبيش مائة وسبعًا وعشرين سنة، وبلغ أبو عثمان النهدي مائة وثلاثين، وقيل: مائة وأربعين سنة (١) وحسَّانٌ صحابي من قوم أنس، والستة
(١) من قوله: "وبلغ زر ... " إلى هنا من (ط ٢) استدركها المؤلف، وقد أمر في "شكر الترحيب" (ص ٢٦٥) أن تضاف هنا مع تعديل في العبارة. وقد ألَّف في المعمّرين غير واحد منهم: أبو حاتم السجستاني، والذهبي في جزئه "أهل المئة فصاعدًا".