للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يحضرها غالبًا إلا أوساط الناس وعامتهم الذين ينشؤون على التساهل، فمعقولٌ أنه لو رُدَّت شهادةُ كلِّ من جُرِّبت عليه كذبة لضاعت حقوق كثيرة جدًّا، ولا كذلك الرواية. هذا كله في كذب يسير في حديث الناس لا تترتب عليه مفسدة.

فأما الكذب في رواية ما يتعلق بالدين ولو غير الحديث النبوي، فلا خفاء في إسقاط صاحبه؛ فإن الكذب في روايةِ أثرٍ عن صحابي قد يترتب عليه أن يحتج بذلك الأثر من يرى قول الصحابي حجة، ويحتج هو وغيره به على أن مثل ذلك القول ليس خرقًا للإجماع، ويستند إليه في فهم الكتاب والسنة، ويردّ به بعض أهل العلم حديثًا رواه ذاك الصحابي يخالف ذلك القول. ويأتي نحو ذلك في الكذب [في] رواية قولٍ عن تابعي، أو عالم ممن بعده، وأقلُّ ما في ذلك أن يقلّده العامي.

وهكذا الكذب في روايةِ تعديلٍ لبعض الرواة، فإنه يترتب عليها قبول أخبار ذلك الراوي، وقد يكون فيها أحاديث كثيرة غير صحيحة، فيترتب على هذا من الفساد أكثر مما يترتب على كذب في حديث واحد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وكذلك الكذب في رواية الجرح، فقد يترتب عليها إسقاط أخبار كثيرة صحيحة، وذلك أشد من الكذب في حديث واحد. وهكذا الإخبار عن الرجل بما يقتضي جرحه. وهكذا الكذب في الجرح والتعديل كقوله: "هو ثقة"، "هو ضعيف"، أو نحو ذلك.

فالكذب في هذه الأبواب في معنى الكذب في الحديث النبوي أو قريب منه، وتترتب على ذلك مضارُّ شديدة ومفاسد عظيمة. فلا يتوهّم محلٌّ للتسمُّح فيه، على فرض أن بعضهم تسامح في حديث الناس فلم يجرح