للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يريد ــ والله أعلم ــ أنهم مظنة ذلك، فيُحْتَرَس من أحدهم حتى تتبيّن براءتُه.

وأما ما ذكروه في كلام النسائي في أحمد بن صالح، فإنهم لم يرموا النسائي بتعمّد الباطل، ولا اتهموه، ولا قالوا: إن ذلك لا يؤمَن منه، بل برّؤوه من ذلك، وإنما أقاموا الأدلة على خطائه.

ولمّا كان قد يُستغرب الخطأ من النسائي؛ لما عُرِف به من شدّة التحرّي والتثبت، ذكروا أنه كان ساخطًا على أحمد بن صالح، ومن شأن التسخُّط أن يورث سوء الظن، ومن وقفتَ على ما يقتضي بظاهره جرحه فإنك إن كنت حسن الظن به ارتبت في ذاك الظاهر، فاحتجت إلى التثبت، بل قد يقوى الظن فلا يؤثر عندك ذاك الظاهر، بل تجزم بحمله على ما لا ينافي ظنك. وإن كنت سيِّئ الظن به لم يكن هناك ما يدفع ذاك الظاهر، ولا ما يريب فيه، وحينئذٍ تبادر نفسك إلى قبوله.

وفي "ألفية العراقي" (١):

وربما رُدّ كلامُ الجارحِ ... كالنّسَئي في أحمدَ بنِ صالح

فربما كان لجرحٍ مخرجُ ... غَطّى عليه السُّخْطُ حين يُحرجُ

قال ابن الصلاح (٢): "إلا أن ذلك لا يقع منهم تعمدًا للقدح مع العلم ببطلانه".


(١) (ص ١٨٣).
(٢) في "علوم الحديث" (ص ٣٩١).