للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحجة بالحجة ... ».

والذي فهمته من هذا الكلام: أن التمسك في الغضِّ من أبي حنيفة بالمقالات المروية، وبتوثيق رواتها، عجزٌ من صاحبه، وطريق معرفة منزلته إنما هو قرع الحجة بالحجة.

فأقول: قد علمت أنه لا شأن لي في الغضِّ من أبي حنيفة، وإنما اضطرني إلى مناقشة «التأنيب» ما فيه من الغضِّ من أئمة السنة بما لا أرى له مسوِّغًا. هذا هو مقصودي، ولو كان لي هوًى في الغضِّ من أبي حنيفة لكان لي شأن آخر. لكن الأستاذ يحرص ــ كما يتراءى لي ــ في أن يضطرني إلى سلوك تلك الطريق، لمغزًى يرمي إليه!

ولا يدري لعله لولا أن ديني يحجزني عن ذلك للبّيْتُ طلبه، ثم لعله لا يحمد مغبَّة ذلك.

ومَن ظنّ ممن يلاقي الحروبَ ... بأنْ لا يُصابَ فقد ظنّ عجزا (١)

فأما الدنيا فالأستاذ يعلم أن لكلِّ بضاعة سوقًا!

ذكر قال (ص ١٨ - ١٩): « ... يحتم على الناقد ... أن يدرس ملابسات فتنة القول بخلق القرآن، وما ترتَّب عليها ... ».

وحاصل هذه العبارة ــ فيما أفهم ــ أن الخلاف الاعتقادي بين أتباع أبي حنيفة وأهل الحديث أدَّى إلى كلام بعضهم في أبي حنيفة، واختلاق بعضهم الروايات عن السابقين، ثم غلوّ بعض المشاهير من أهل الحديث في المقالات التي يسميها الأستاذ «التجسيم»، وحشد الروايات فيها.


(١) البيت للخنساء «الديوان» (ص ٢٧٣ - دار عمار).