الروايات كان معظمها مدفونًا في «تاريخ بغداد»، حتى بعد أن طبع «تاريخ بغداد»؛ فإنه كتاب كبير لا يتيسر تحصيله إلا لأفراد قليلين.
لكن الأستاذ أثبت تلك الكلمات في كتاب صغير، وسعى في تكثير نسخه، وزيادة انتشاره، فوصل إلى أيدي أناس كثير، فإن كان منهم الموافق الذي لا يتأثر بذلك، فمنهم غيره ممن ذكرت سابقًا، وكثير منهم لا يقنعهم ردّ الأستاذ، وهب (١) أنهم لا يميلون إلى بطلانه، لكنهم متوقفون، وتفعل تلك الكلمات في أنفسهم فعلها.
وبعد، فلو أني ذكرت تلك المقالات لكان للأستاذ أن يتهمني بأنني ذكرتها تشفيًا وتشنيعًا، ولا ريب أن قوله هذا يكون أولى بالقبول.
فأما ذكرها مع كلام الأستاذ فيها، فقد أوضحتُ أن ذلك ليس من مقصودي، على أنه ليس من الضروري أن أوافق الأستاذ في كلِّ كلام تكلم به في تلك المقالات، فذكري لها يستدعي أن أناقش الأستاذ فيما لا أوافقه عليه. وهذا أبعد عن مقصودي وأبعد.
ثم قال (ص ٢٠): «وهو يسعى في تحميل الروايات الكاذبة على أكتاف ثقات يضعهم في الأسانيد بدل الضعفاء، وأنا أسعى في رد البضاعة الزائفة إلى أصحابها المتهمين ... ».
[ص ١٦] أقول: قد قدّمتُ أنه لا شأن لي بمتون الروايات أكاذبة زائفة، أم على خلاف ذلك، وإنما اعتنيت بإثبات تطرُّف الأستاذ. وعلى فَرْض أن تلك الروايات ــ أو بعضها ــ كاذبة زائفة، فإنما الحق تركها لصاحبها الذي هي له في نفس الأمر، وإن ضرته أو ضرت غيره.