وكأنَّ الأستاذ يتجاهل هنا أن الإسراف في رفع إحدى الكفتين إبلاغ في حط الأخرى. والإسراف في رفع أحد العِدْلين إسقاط للآخر، قد يؤدّي إلى إسقاطهما معًا. أولا يسمح لي الأستاذ ــ وأنا شافعي ــ بأن أعتقد رُجحان الشافعي على ما قرره الفقهاء؟ !
وإن صحّ ما تظنَّاه أنني من اللامذهبية الحدثاء، يعني الذين يقولون: لا تقلد أحدًا، أو الذين ينتسبون إلى مذهب، ولكن إذا بان لهم رُجحانُ دليلِ غيره اختاروه؛ فالغالب في هؤلاء اتباع النصوص. وتفاوت الأئمة فيما يتعلق بالرواية، ومعرفة النصوص ــ على ما هو الظاهر المشهور ــ معروف.
ومن المعلوم أن الفريقين لا يوافقون الأستاذ على استنباطاته، بل يعدون بعضها مكابرة.
هذا، وقد ضاق الأستاذ ذرعًا بتقديم (١) ابن عبد البر في «الانتقاء» مالكًا، فالشافعي، على أبي حنيفة في الذِّكْر، فذهب يتمحَّل لذلك وجهًا في تعليقه عليه، غير مبالٍ بمخالفته للظاهر الذي يدلّ عليه حال ابن عبد البر وقاله.
وقد غضب الأستاذ على إمام الحرمين تلك الغضبة، لسعيه في ترجيح مذهب الشافعي.
[ص ١٨] وإن كلفني الأستاذ أن أكتفي بإظهاره الثناء على الأئمة في بعض المواضع، على ما فيه من دخائل، وأغضُّ النظر عمّا وراء ذلك= فهلّا حَجَزه