للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اسميهما يبعد احتمال ذكر اسم أبي عوانة، على أن الغالب في اسمه «الوضاح» باللام، بل يكون علي بن عاصم أسرف في رميه أبا عوانة بالوضع والكذب».

أقول: ليس في هذا ما يدفع (١) الحق، فمن المعروف أن ذِكْر الرجل بكنيته إكرام له، وكان أبو عوانة مشهورًا بكنيته، لا يكاد يُذْكَر إلا بها، فنصَّ عليُّ بن عاصم على اسمه تأكيدًا لاحتقاره له، كأنه يقول: ليس بأهل أن يُذكر بكنيته. بخلاف شعبة وجرير، فإنهما كان مشهورَين باسميهما، فليس في ذكرهما باسميهما ما يشعر باحتقار.

وهكذا ترك اللام، فإنّ ذِكْره بقوله: «الوضاح» فيه تفخيم، بخلاف قوله: «وضاح» ــ إذا كان الغالب «الوضاح» ــ، فإن العدول عنه إلى «وضَّاح» يُشْعِر بزيادة الاحتقار، كأنه يقول: ليس بأهل أن أفخّم اسمه.

وبالجملة، فمن كان ممارسًا لكتب الرجال، عارفًا بعلوم الأدب، فإنه يعرف الصواب بذوقه لأول مرة، فكيف إذا رأى ما في «تاريخ بغداد»؟ ومن لم يكن كذلك فيراجع ما ذكرته في «الطليعة»، مع ما هنا.

هذا، والذي أوقع مصحح [ص ٤٤] «تهذيب التهذيب» في التصحيف ــ فيما يظهر ــ أنه لم يكن من الممارسين للفن، وكانت النسخة واحدة، رأى الكلمة في الأصل مشتبهة ... (٢) «وضاع»، ولو على بُعد، ولم يكن مستحضرًا اسم أبي عوانة، لغرابته، ولأن أبا عونة لا يكاد يُذكر إلا بكنيته، وكانت كلمة «وضّاع» حاضرة في ذهنه لتكرُّر ذكر الوضع في التراجم.


(١) تحتمل: «يدافع».
(٢) كلمتان تفشّى المداد فوقهما فلم تتبيّنا.