أطاع الفريضةَ والسنهْ ... فتاه على الإنس والجِنَّه
كأنّ لنا النارَ مِن دونِه ... وأفرده الله بالجنهْ
غضب الأستاذ على أحمد بن المعذّل! فذكر البيت الأول، وجعل الكملة الأولى «أضاع».
فنبهتُ في «الطليعة» على أن الرواية «أطاع»، كما في غير واحد من الكتب، والسياق يُعَيّنه.
فقال الأستاذ في «الترحيب»(ص ٤٥): «هذا تمحُّل! لو كان مراده هذا لقال: أقام .. ، وإنما الطاعة لله ولرسوله، لا للعمل، وهذا ظاهر».
كذا قال الأستاذ! وكنت أظن أنه وجد ذاك الشعر في بعض الكتب بلفظ «أضاع»، فغضَّ النظرَ عنه، وحكاه، كما في «وضّاع» و «دعارة»، وأن ذلك منه على وجه التنكيت والتبكيت.
لكن عبارته في «الترحيب» خيَّبت ظني، وزادت الأمر شدة! ولو لم يوجد هذا الشعر إلا في كتاب واحد، وفيه «أطاع»، وليس هناك ما يدلّ على صحتها، ولا عدم صحتها؛ لما جاز للعالم تغييرها؛ لأن العربية لا تضيق عنها، فتحتمل أن تكون على حذف المفعول، أو قَصْر الفعل عنه، ثم تنتصب «الفريضة» إما على المفعول المطلق، كأنه قيل: أطاع الطاعة المفروضة والمسنونة، وإما على التضمين، وإما على نزع الخافض الذي سماه الأستاذ «الحذف والإيصال»، وتبجَّح بمعرفته في كلامه على أثر:«لا تعقل العاقلة عمدًا ... ».