الأولى: ما أشار إليه الأستاذ في الجملة، وهو أن يطّلع عليها حنفيٌّ متحمّس، فيحمله ذكرُ المتن على أن يعرض عن كلامي البتة، ولا يستفيد إلا بُغض من نُسِب إليه المتن من الأئمة.
الثانية: أن يطلع عليها رجلٌ من خصوم الحنفية، فيجتزئ بذاك المتن، ويذهب يعيب أبا حنيفة غير مبال أصحّ ذاك المتن أم لم يصح.
الثالثة: أن يطلع عليها عامّي لا يميز، فيقع في نفسه أن أئمة السلف كان بعضهم يطعن في بعض، ويكبر ذلك عليه، ويسيء الظنَّ بهم جميعًا.
فإهمال ذكر المتن يمنع هذه المفاسد كلها، ولا يبقى أمام الناظر إلا ما يتعلق بتلك القضايا الخاصة التي ناقشتُ فيها الأستاذ.
والواقع أيضًا أنه لا يلزم من صنيعي تثبيت الذمّ، ولا يلزمني قصد ذلك. ومن تأمّل عبارات الأستاذ في الجهة الأخرى كما قدَّمتها بان له صحة قولي.
وأزيدُ ذلك إيضاحًا وشرحًا وتتميمًا، فأقول: وعامة مناقشتي للأستاذ إنما هي في بعض رجال تلك الأسانيد، وقد وافقته على ضعف جماعة منهم، ولا يلزم من تثبيتي ثقةَ رجلٍ مِن رجال السند، ثبوتُ ثقةِ غيره. بل الأمر أبعد من ذلك، فإن المقالة المسندة، إذا كان ظاهرها الذم أو ما يقتضيه، لا يثبت الذمُّ [بها](١) إلا باجتماع عشرة أمور:
الأول: أن يكون هذا الرجل المعيَّن الذي وقع في الإسناد ووقعت فيه المناقشة ثقة.