للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك كما أشار إليه ابن قتيبة (١) وغيره. وجماعة آخرون كانوا يتعاطون الرأي والكلام يردُّون الأخبار كلَّها. وآخرون يردُّون أخبار الآحاد أي ما دون المتواتر، كسر الله تعالى شوكتهم بالشافعي، حتى إن شيوخه ومن في طبقتهم من الأكابر كيحيى بن سعيد القطان وعبد الرحمن بن مهدي انتفعوا بكتبه. قال الشافعي في "الأم" (ج ٧ ص ٢٥٠) (٢): "باب حكاية قول الطائفة التي ردَّت الأخبار كلها"، ثم ذكر مناظرته لهم. ثم قال بعد ذلك: "باب حكاية قول من رد خبر الخاصة"، فذكر كلامه معهم. وبسط الكلام في ذلك في "الرسالة"، وفي "كتاب اختلاف الحديث".

ثم كانت المحنة (٣) وويلاتها. وكان دعاتها لا يجرؤون على ردِّ الحديث، وسيأتي في ترجمة علي بن عبد الله ابن المديني (٤) بعض ما يتعلّق بذلك. ثم جاء محمد بن شجاع بن الثلجي فلم يجرؤ على الردّ، وإنما لفَّق ما حاول به إسقاط حماد بن سلمة ــ كما يأتي في ترجمة حماد (٥) إن شاء الله تعالى ــ وجمع كتابًا تكلَّف فيه تأويل الأحاديث، وتَبِعه من الأشعرية ابنُ فُورَك في كتابه المطبوع (٦). ثم اشتهر بين المتكلمين أن النصوص الشرعية من الكتاب والسنة لا تصلح حجة في صفات الله عز وجل ونحوها


(١) في "تأويل مختلف الحديث" (ص ٦١ وما بعدها).
(٢) (٩/ ٥ - ١٩).
(٣) يعني محنة القول بخلق القرآن.
(٤) في هذا الكتاب رقم (١٦٣).
(٥) رقم (٨٥).
(٦) يعني كتابه "مشكل الحديث وبيانه".