للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم فصَّل ما يلزم كلَّ طبقة من الجِدِّ في طلب الحقِّ وتحرِّيه، وترك التقصير.

ثم أتى بأمثلة وشواهد تثبت العذر بالجهل والغلط، وجَمَعَ بين النصوص التي يُظنُّ تعارضُها في ذلك.

ومما أورده في الأعذار حديث الرجل الذي أوصى أولاده بحرقه إذا مات، وحديث المقداد إذ منعه الرسول - صلى الله عليه وسلم - مِن قتْل مَن قال: أسلمت لله؛ فيُحتج به للدخول في الإسلام بكلِّ ما يدلُّ على الدخول فيه، من قولٍ أو فعلٍ ما يتنزَّل منزلة النطق بالشهادتين. وقد حكم النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بإسلام بني جَذيمة الذين لم يُحسنوا أن يقولوا: أسلمنا، وجعلوا يقولون: صبأنا صبأنا.

وحَكَمَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بإسلام الرجل الذي قتله أسامة بعد ما قال: لا إله إلا الله؛ لأن الظاهر من قوله: لا إله إلا الله، أنه أراد بها الدخول في الإسلام.

* ثم تحدَّث الشيخ عن المنتسبين إلى الإسلام وقَصَرَ الكلام على من يكفِّره بعضُ قرَّاء كتابه، أو يتردَّدون فيه، بسبب الشرك، فبيَّن الشيخ أنَّ كلَّ مكلَّف من هؤلاء لا بدَّ أن يكون قد ثبت له حكم الإسلام، إما بدخول الشخص في الإسلام مع كون آبائه كفارًا، أو حُكِم له بالإسلام تبعًا لأبويه، أو لأحدهما، فإن كان القارئ يُسلِّم بصحة إسلام التابع فلا كلام، وإن كان يقول: آباؤه متلبِّسون بالشرك وإن ادَّعوا الإسلام، فالجواب أنَّ أوَّل جَدٍّ تلبَّس بالمحْدَثات إمَّا أن يكون هو الذي دخل في الإسلام، وإمَّا أن يكون ابنَ رجل مسلم لم يتلبَّس بها. وعلى كلا الحالين قد ثبت لهذا الجدِّ حكم الإسلام اتِّفاقا، ومن ثبت له حكم الإسلام فالأصل بقاؤه عليه، ولا يخرج عنه إلا بحجة واضحة، وأنت لا تعلم قيام الحجة على ذلك الجدِّ الذي