للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك، فلم يغلب على الظن أن له مَلَكةً تمنعه من ذلك. ومن خيف أن يغلبه ضربٌ من الهوى، فيوقعه في تعمُّد الكذب والتحريف، لم يؤمَن أن يغلبه ضرب آخر، وإن لم نشعر به. بل الضربُ الواحدُ من الهوى قد يوقع في أشياء يتراءى لنا أنها متضادة. فقد جاء أن موسى بن طريف الأسدي كان يرى رأي أهل الشام في الانحراف عن عَليّ رضي الله [١/ ٤٩] عنه، ويروي أحاديث منكرة في فضل عليّ، ويقول: "إني لأسخر بهم" يعني بالشيعة، راجع ترجمته في "لسان الميزان" (١).

وروى محمد بن شجاع الثلجي الجهمي، عن حَبَّان بن هلال أحد الثقات الأثبات، عن حماد بن سلمة أحد أئمة السنة، عن أبي المهزِّم، عن أبي هريرة مرفوعًا: "إن الله خلق الفرس، فأجراها، فعرقت ثم خلق نفسه منها" (٢). وفي "الميزان" (٣) أن غرض الجهيمة من وضع هذا الحديث أن يستدلوا به على زعمهم أن ما جاء في القرآن من ذكر "نفس الله" عز وجل إنما المراد بها بعض مخلوقاته.

أقول: ولهم غرضان آخران:

أحدهما: التذرُّع بذلك إلى الطعن في حماد بن سلمة، كما يأتي في ترجمته (٤).


(١) (٨/ ٢٠٥).
(٢) أخرجه ابن الجوزي في "الموضوعات" (٢٣١).
(٣) (٥/ ٢٤ - ٢٥).
(٤) رقم (٨٥).