* وقد خاض في مسألة التوحيد مَنْ لم يكن له علم راسخ بالقواعد, ويقع اللَّوم على مَن صدَّره ونَحَلَه العلمَ والإمامة بغير استحقاق, مع أننا نجد أفرادًا لا يؤتَون من جَهْل بالقواعد وإنما يؤتَون من مخالفتها.
والقواعد هي ما تشتمل عليه علوم الاجتهاد من إتقان اللغة العربية وطول الممارسة لها, ومعرفة أصول الفقه على وجه التحقيق لا التقليد, ومعرفة مصطلح الحديث وطرفٍ صالح من معرفة الرجال ومراتبهم وأحوالهم، وكثرة مطالعة كتب الحديث حتى تكون له مَلَكَة صحيحة في معرفة العِلل والترجيح بين المتعارضات, ومعرفة السيرة النبوية وأحوال العرب قبل الإسلام. وكذلك معرفة العلماء ومراتبهم, وكثرة تدبُّر كتاب الله.
ولْيَكُنْ فهمه مطابقا للقواعد العلميَّة, مع الإخلاص ومجانبة الهوى والتعصب وحبِّ الجاه والشهرة, مع المحافظة على الطاعات والتنزُّه عن المعاصي بقدر الاستطاعة, والإكثار من دعاء الله أن يوفِّقه للحق. ويلتزم باحترام العلماء والصالحين, وإن خالف بعضَهم لدليلٍ فلا يحتقرهم.
* ونبَّه المؤلِّف على قاعدة مهمَّة وهي: وجوب حمل النصوص على ظاهرها, والظاهر قد يترقَّى إلى القطع إذا عَضَدَتْه ظواهر أخرى.
* ومن الناس مَن يتهاون بقضيَّة الفصل بين التوحيد والشرك قائلًا:«إنما الأعمال بالنيات» , والحديث إنما تعرَّض للفصل بين الأعمال الشرعية التكليفيَّة وبين غيرها, فأما أحكام تلك الأعمال فإنما تؤخذ من الأدلَّة الأخرى, والكافر إذا زعم أنه يتمسَّك بكفره طاعةً لله وتعظيمًا له فإنَّ قصده ذلك لا ينفي عنه اسم الكفر ولا حكمه, بل يغلِّظه عليه ويكون كفرًا على كفر.