للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكم من ثقة ثبت لم يتفق أن يُخرج عنه البخاري في «صحيحه»، وأخرج عمن هو دونه بكثير.

فأما بقية الستة، فأبو داود ولد سنة ٢٠٢ فقد أدرك إبراهيم، فإن إبراهيم استشهد سنة ٢٢٠، ولكن لعلّه لم يلقه، وإنما روى في مسائل مالك (١) عن رجل عنه على ما يظهر من «التهذيب». وقد سمع أبو داود جماعةً ممن هو أكبر وأعلى إسنادًا من إبراهيم. ومسلم ولد سنة ٢٠٤، والباقون بعد ذلك.

وجامعو الكتب الستة يتحرَّون علوَّ الإسناد والاختصار، ولا ينزلون إلّا لحاجة. والرواية عن إبراهيم قليلة، لاشتغاله بالجهاد، ولأنه لم يعمَّر حتى يحتاج إليه. وقد روى عنه مَن هو أجلّ من أصحاب الكتب الستة، كما مرَّ.

وقد ساق الأستاذ في تعليقه على «شروط الأئمة» (٢) كلامًا طويلًا فيه ما فيه، وقال في أواخره: «ومن ظن أن ثقات الرواة هم رواة الستة فقط، فقد ظن باطلًا. وجرَّد الحافظ العلامة قاسم بن قطلوبغا الثقات من غير رجال الستة في مؤلف حافل يبلغ أربع مجلدات».


(١) كذا، والذي في «تهذيب الكمال»: (١/ ١١٤)، و «تهذيب التهذيب»: (١/ ١٢٧) الرمز قبل اسمه بـ «ل، فق» و «ل» هو رمز مسائل أبي داود للإمام أحمد. وقد صرّح المزي بذلك في آخر الترجمة بقوله: «روى له أبو داود في كتاب المسائل في باب زيادة الإيمان ونقصانه». وانظر كتاب «المسائل» (ص ٣٦٤ - ٣٦٥) روى عن الإمام أحمد عنه ثلاث مسائل، ولعل المؤلف ذهل إلى رمز (كد) وهو علامة ما أخرجه أبو داود في مسند حديث مالك بن أنس. والله أعلم.
(٢) «شروط الأئمة الخمسة» (ص ٦٣ - ٦٤).