للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والشيوخ، وعنده فوائد كثيرة؛ ومع ذلك لم يُخرجوا عنه شيئًا، إلا أن أبا داود روى عن أحمد بن عبيد ــ وستأتي ترجمته (١) ــ عن ابن سعد عن أبي الوليد الطيالسي أنه قال: «يقولون: قبيصة بن وقّاص له صحبة» (٢). وهذه الحكاية ليست بحديث ولا أثر، ولا ترفعُ حكمًا ولا تضعُه.

والأستاذ كثيرًا ما يتشبَّث في التليين بعدم إخراج أصحاب الكتب الستة للرجل مع ظهور العذر، كما تقدّم في ترجمة إبراهيم بن شَمَّاس. فأما ابن سعد، فلا مظنة للعذر إلا أنهم رغبوا عنه.

وأظن الأستاذ أول من منح ابن سعد لقب: «الإمام»، ولم يقتصر عليه بل قال: «الإمام الكبير»، وتغاضى الأستاذ عن قول ابن سعد في أبي حنيفة، فإنه ذكره في موضعين من «الطبقات» (ج ٦ ص ٢٥٦) (٣) و (ج ٧ قسم ٢ ص ٦٧) (٤) وقال في كلا الموضعين: «وكان ضعيفًا في الحديث» ولم يقرن هذه الكلمة بشيء مما قرن به كلمته في أبي إسحاق، فلم يقل: «ثقة»، ولا «فاضل»، ولا «صاحب سنة»!

ومع ذلك فليس ابن سعد في معرفة الحديث ونقده ومعرفة درجات رجاله في حدِّ أن يُقبَل منه تليينُ مَنْ ثبَّته غيرُه، على أنه في أكثر كلامه إنما


(١) رقم (٢٥).
(٢) هذه العبارة ذكرها المزي في «تحفة الأشراف»: (٨/ ٢٧٦)، و «تهذيب الكمال»: (٦/ ٩٩)، وليست في «سنن أبي داود» عند حديث قبيصة (٤٣٤).
(٣) (٨/ ٤٨٩).
(٤) (٩/ ٣٢٤).