للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني ــ فيما كتب إليَّ ــ حدثني إسحاق بن راهويه قال: سمعت جريرًا يقول: قال محمد بن جابر اليمامي: سرق أبو حنيفة كتب حماد مني».

ثم قال الأستاذ: «وابن أبي حاتم من أعرف الناس أن الجوزجاني منحرف عن أهل الكوفة، حتى استقرَّ قول أهل النقد فيه على أنه لا يُقبل له قول في أهل الكوفة. وكان ناصبيًّا خبيثًا حريزي المذهب. أخرجت جارية له فروجة لتذبحها فلم تجد من يذبحها، فقال: سبحان الله! فروجة لا يوجد من يذبحها، وعليٌّ يَذبح في ضحوة نيفًا وعشرين ألف مسلم. فمثل هذا الخبيث يصدِّقه ذلك التقي في أبي حنيفة».

أقول: أما الحكاية الأولى، فقد عُرف عن أبي حنيفة أنه يترك العمل بكثير من الأحاديث، كما يأتي في قسم الفقهيات إن شاء الله تعالى (١). والحنفية ــ ومنهم الأستاذ ــ يعتذرون عن ذلك بما هو معروف. وأما تركه العمل بكثير من الآثار عن الصحابة والتابعين فواضح، فأيُّ مانع أن يحدِّث بأشياء من ذلك، ثم يقول تلك الكلمة؟ وأما الحكاية الثانية فيأتي النظر فيها في ترجمة محمد بن جابر إن شاء الله تعالى (٢).

وأما الجوزجاني فحافظ كبير متقن عارف، وثَّقه تلميذه النسائي جامع «خصائص علي» وقائل تلك الكلمات في معاوية، ووثقه آخرون. فأما ميل الجوزجاني إلى النَّصْب، فقال ابن حبان في «الثقات» (٣): «كان حَرِيزيّ المذهب ولم يكن بداعية، وكان صلبًا في السنة ... إلا أنه [١/ ١٠٠] من صلابته ربما كان يتعدَّى طورَه». وقال ابن عدي: «كان شديد الميل إلى


(١) (٢/ ٦، ٣٠، ٦٢، ٧٧، ٩٢، ١٠٢، ١٠٤، ١٤٧، ٢٧٦).
(٢) رقم (١٩٦).
(٣) (٨/ ٨١).