للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كتابٍ لم يكن فيه سماعه».

أقول: أجاب ابن الجوزي في «المنتظم» (ج ٧ ص ٩٣) عن هذا بقوله: «مثل هذا لا يُطعَن به عليه، لأنه يجوز أن تكون تلك الكتب قد قُرئت عليه وعُورض بها أصله، وقد روى عنه الأئمة كالدارقطني وابن شاهين والبرقاني وأبي نعيم والحاكم» (١).

أقول: وقال الحاكم: «ثقة مأمون». ونَسخُه ما غرق من كتبه من كتاب ليس عليه سماعه يحتمل ما قال ابن الجوزي، ويحتمل أن يكون ذاك الكتاب كان أصل ثقةٍ آخر كان رفيقه في السماع، فعرف مطابقته لأصله. والمدار على الثقة بصحة النسخة، وقد ثبت أن الرجل في نفسه ثقة مأمون. وتلك الحكاية تحتمل ما لا ينافي ذلك، فكان هو الظاهر.

ولا أدري متى كان غرق القطيعة بالماء الأسود، وقد فتشتُ أخبار السنين في «المنتظم» فلم أره ذكر غرقًا بالماء الأسود (٢)، وإنما ذكر أنه في شهر رمضان سنة ٣٦٧ غرق بعض المحال منها قطيعة أم جعفر. فإن كان ذلك هو المراد، فإنما كان قبل وفاة القطيعي بنحو سنة واحدة، وقد سمع


(١) وبنحوه أجاب الحافظ ابن كثير في «البداية والنهاية»: (١٥/ ٣٩١).
(٢) ذكر الخطيب في «التاريخ»: (١/ ٧٦، والجديدة ١/ ٣٨٦) قال: «حدثني عليّ بن المُحَسِّن، قال: قال لي القاضي أبو بكر بن أبي موسى الهاشمي: انبَثَق البَثْق من قُبَيِّن وجاء الماء الأسود فهدم طاقات باب الكوفة، ودَخَل المدينة فهدم دورَنا، فخَرَجنا إلى المَوْصل وذلك في سني نَيِّفٍ وثلاثين وثلاث مئة، وأقمنا بالمَوْصل سنين عدة ثم عُدنا إلى بغداد فسكنَّا طاقات العَكِّيّ».
وعليه فيكون هذا الغرق قد وقع قبل وفاة القطيعي بثلاثين سنة.