للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبي نعيم سَوق الأخبار الكاذبة بأسانيده بدون تنبيه على كذبها. وهو أيضًا ممن يسوق ما يرويه بإجازة فقط مع ما سمعه في مساق واحد ويقول في الاثنين: حدثنا. وهذا تخليط فاحش، وليس جرح ابن منده فيه مما يُتغاضى عنه بهوى الذهبي».

أقول: أما الرحلة، فباطلة بذلك السياق حتمًا، وهل تنبَّه أبو نعيم لبطلانها؟ الله أعلم.

وأما سياقه في مؤلفاته الأخبار والروايات الواهية التي ينبغي الحكم على كثير منها بالوضع، فمعروف. ولم ينفرد بذلك، بل كثير من أهل عصره ومَنْ بعدهم شاركوه في ذلك، ولاسيَّما في كتب الفضائل والمناقب، ومنها مناقب الشافعي ومناقب أبي حنيفة. ثم يجيء مَن بعدهم، فيحذفون الأسانيد، ويقتصرون على النسبة إلى تلك الكتب (١)، وكثيرًا ما يتركون هذه النسبة أيضًا كما في «الإحياء» وغيره. وفي «فتح المغيث» (ص ١٠٦) (٢) في الكلام على رواية الموضوع: «لا يبرأ من العهدة في هذه الأعصار بالاقتصار على إيراد إسناده بذلك، لعدم الأمن من المحذور به، وإن صَنَعه أكثرُ المحدّثين في الأعصار الماضية من سنة مائتين وهلمَّ جرًّا، خصوصًا الطبراني، وأبو نعيم، وابن منده، فإنهم إذا ساقوا الحديث بإسناده اعتقدوا أنهم برئوا من عهدته ... قال شيخنا: وكأنَّ ذِكْر الإسناد عندهم من جملة البيان ... ».


(١) بعده في (ط): «وكثيرًا ما يتركون هذه النسبة إلى تلك الكتب» وهو تكرار وانتقال نظر.
(٢) (١/ ٢٩٦). وكلام الحافظ في «النكت»: (٢/ ٦٣٨).