للأستاذ اصطلاح خاص في كلمتي «العقل» و «التواتر»؛ وإنما الفرق أن أبا نعيم بيَّن اصطلاحه، والأستاذ لم [١/ ١١٨] يبيِّن، بل يعامل ما يطلق عليه تينك الكلمتين كما ينبغي أن يعامل به العقل والتواتر بمعناهما المعروف، فيحتج بما يوافق ذلك، وإن كان سنده ساقطًا؛ ويردُّ ما يخالفه وإن كان بغاية القوة. فإذا رأى أن مخالفيه يظلمونه، فلا يقبلون منه ذلك، استحلَّ أن يكيلَ لهم الكيل الذي كشفتُ عنه في «الطليعة». والله المستعان.
وأما كلام ابن منده في أبي نعيم، فقد مرَّ بعضُه وتبيَّن حاله. ولن يكون باقيه إلا طعنًا في العقيدة، أو من كلمات النفرة والتنفير، أو ما لا يتحصَّل منه ــ إذا نُظر فيه كما ينبغي على ما سلف في القواعد ــ ما يثبُت به الجرح؛ إذ قد عرف الناس أنه كان بين آل منده وأبي نعيم اختلاف في العقيدة، جرَّ إلى عداوة شخصية شديدة؛ وعند الأستاذ: أن الحقَّ فيما اختلف فيه الفريقان مع أبي نعيم.
وقد ذكر الذهبي في «التذكرة»(ج ٣ ص ٣٧٧)(١) عن السِّلَفي: «سمعت محمد بن عبد الجبار الفرساني: حضرت مجلس أبي بكر بن أبي علي المعدَّل في صِغَري، فلما فرغ من إملائه قال إنسان: من أراد أن يحضر مجلس أبي نعيم فليقم، وكان مهجورًا في ذلك الوقت بسبب المذهب، وكان بين الحنابلة والأشعرية تعصُّب زائد يؤدِّي إلى فتنة وقال وقيل وصداع= فقام إلى ذلك الرجل أصحابُ الحديث بسكاكين الأقلام، وكاد أن يُقتل».