للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صدق الذهبي فيما يتعلق بالحكايات المنكرة، والمجازفات ولاسيما فيما فيه مدح لنفسه. ويظهر من «المرآة» ما يوافق قول صاحب «الذيل عليها» أنه إنما تحنَّف في الصورة الظاهرة. وكذلك لا يظهر منها أنه رافضي، فكأنه إنما ألَّف كتابه في الترفُّض تقربًا إلى بعض الرافضة من أصحاب الدنيا. فهذا المجازف اتصل بالملك عيسى، وقد عرفتَ بعضَ حاله في التعصّب، فتحنَّف السِّبطُ إرضاءً له، وألَّف كلّ منهما ردًّا على الخطيب، كما مرَّ في ترجمة أحمد بن الحسن بن خيرون. وحاول السِّبْط التقرّبَ إلى عيسى بذمِّ الخطيب، وذكر حكاية ابن طاهر، فزاد فيها.

قال الأستاذ (ص ١٢): «قال سبط ابن الجوزي في «مرآة الزمان»: قال محمد بن طاهر المقدسي: لما هرب الخطيب من بغداد عند دخول البساسيري إليها قدم دمشقَ، فصحبه حَدَثٌ صبيحُ الوجه كان يختلف إليه، فتكلم الناس فيه وأكثروا، حتى بلغ واليَ المدينة ــ وكان من قبل المصريين شيعيًّا ــ فأمر صاحبَ الشرطة بالقبض على الخطيب وقتله، وكان صاحب الشرطة سُنِّيًّا فهجم عليه، فرأى الصبي عنده، وهما في خلوة، فقال للخطيب: قد أمر الوالي بقتلك، وقد رحمتُك ... فأخرجوه فمضى إلى صُور، واشتد غرامه بذلك الصبي، فقال فيه الأشعار فمن شعره ... ».

فيقال لهذا الجانف المجازف: توفي ابن طاهر قبل أن يولد جدُّك، فمن أين لك هذه الحكاية عنه على هذا اللون؟ قد حكاها غيرك عن ابن طاهر، حتى ياقوت مع شدة غرامه بالحكايات [١/ ١٣٧] الفاجرة حتى في ترجمة الكسائي، فلم يذكروا فيها ما ذكرت. بل نقلها خليلُك الملك عيسى في «رده على الخطيب» (ص ٢٧٧) من خط ابن طاهر ــ كما قال ــ ولم يذكر هذه