ويقول (ص ١٨٨): «والعجب من هؤلاء الأتقياء الأطهار استهانتهم بأمر القذف الشنيع هكذا فيما لا يتصور قيام الحجة فيه، مع علمهم بحكم الله في القَذَفة؛ ولا يكون ذلك إلا من قلة الدين واختلال العقل».
يقول هذا، ثم يرمي الخطيب بما رماه، ويصرِّح أو يكاد، مع أن القصة ــ ولو كما حكاها سبط ابن الجوزي ــ ليس فيها ما هو ظاهر في التقبيل، فضلًا عن غيره، ومع علمه بحال سبط ابن الجوزي وحال ابن طاهر، وأن السبط لم يدرك ابن طاهر ولم يذكر سنده إليه، وأن ابن طاهر لم يدرك القصة، ولا ذكر في رواية السبط مَن أخبره بها، وأن الرميلي الذي ذكر ابن طاهر القصة عنه على الوجه المذكور في «تذكرة الحفاظ» لم يشهد القصة، ولم يذكر عمن أخذها، ومع طعن الأستاذ في الرميلي إذ قال (ص ١٢١): «تجد بينهم من يجعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم يحضر مجلس إقراء الخطيب لتاريخه .... ولا يكون منشأ ذلك إلا رقة الدين والنفاق الكمين»!
فليتدبر القارئ: أيهما أولى بأن يكون قذفًا شرعيًّا، أكلمات الأستاذ بانيًا على ما ليس بشيء، أم قول صالح بن محمد الحافظ المبني على ما سمعه من الناس من اتهامهم اللؤلؤي:«يتهم بداء سوء»، وإخبار الحافظَين الآخرَين بما شاهداه من اللؤلؤي في حال سجوده من التقبيل وقرص الخد! وأيهما أولى بأن يكون استهانة بأمر القذف الشنيع فيما لا يُتصور قيام الحجة فيه مع العلم بحكم الله في القَذَفة! وأيّهما أولى وأحق بأن يقال فيه:«لا يكون ذلك إلا من قلة الدين واختلال العقل»!
وكذلك الرُّميلي الحافظ الفاضل ليس يترتب على صدقه فيما حكى ما تقوم به حجة [١/ ١٣٩] شرعية على أن «تاريخ الخطيب» كلّه حق، فأيّ حجة