للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحاصل أن المترجِم يتحرَّى في صدر الترجمة أشهر الصفات. فأحمدُ لِتبحُّره في معرفة الحديث وتجرُّده لنصر السنة كان أشهر بذلك منه بالفقه، والشافعي لِتجرُّده للفقه كان أشهر به.

وأما قضية الكرابيسي، فإن الخطيب روى بسنده في ترجمته (ج ٨ ص ٦٤) عن يحيى بن معين أنه: «قيل له: إن حسينًا الكرابيسي يتكلم في أحمد بن حنبل. قال: ما أحوجه أن يُضرَب». وروى عن يحيى أيضًا أنه قال: «ومَنْ حسين الكرابيسي لعنه الله ... »، ثم ذكر القصة التي فيها تلك الكلمة، ثم ذكر روايات عن أحمد في تبديع الكرابيسي والتحذير منه. ثم ذكر قصةً فيها غضُّ الكرابيسي من فضل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وأن رجلًا رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم يكذِّب الكرابيسي.

فالخطيب ذكر تلك الكلمة لفائدتين: الأولى: تفسير ما تقدَّم إجماله من أن الكرابيسي كان يتكلم في أحمد، ليتبين أنه كلام فارغ. الثانية: زيادة التشنيع على الكرابيسي. فمن توهَّم أن الخطيب حاول انتقاص أحمد فهو كمن يتوهم أن ذكره القصة التي فيها غضُّ الكرابيسي من فضل علي بن أبي طالب محاولةٌ من الخطيب لانتقاص علي! وابنُ الجوزي يرمي الخطيب وعامة المحدثين بقلة الفهم، وهذه حاله!

وأما ما زعمه ابن الجوزي من ميل الخطيب على مُهَنّأ والجماعة الذين سماهم، فقد أفردت لكل منهم ترجمة تأتي في موضعها إن شاء الله تعالى، وتتضح براءة الخطيب مما تخيله ابن الجوزي.

وقد وثَّق الخطيبُ جمعًا كثيرًا بل جمعًا غفيرًا من الحنابلة، وأطاب