للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصاحبكم. قلت: فصاحبنا أعلم بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أم صاحبكم؟ قال: صاحبكم، قلت: فبقي شيء غير القياس؟ قال: لا، قلت: فنحن ندّعي القياس أكثر مما تدعونه، وإنما يقاس على الأصول فيعرف القياس، قال: ويريد بصاحبه مالك بن أنس».

ثم نقل عن «كتاب ذم الكلام» (١) للهروي رواية أخرى من طريق الربيع عن الشافعي، وبين الألفاظ اختلاف كما هو شأن الرواية بالمعنى. ومثل ذلك يكثر في رواية الأحاديث النبوية، كما سترى أمثلته في «قسم الفقهيات» من هذا الكتاب، فما بالك بالحكايات!

وأثبَتُ هذه الروايات وأولاها بأن يكون متنها هو اللفظَ الذي قاله الشافعي: روايةُ ابن أبي حاتم، لجلالته ولأنه أثبتَها في موضعين من كتابه بلا فرق، فدلَّ ذلك أنه أثبتها في أصله عند تلقيها من ابن عبد الحكم، ثم نقلها بأمانتها إلى كتابه المصنَّف. فأما بقية الروايات، فلم تُقيَّد في كتاب إلا بعد زمان، بعد أن تداولها جماعة من الرواة، وذلك مظنة للتصرُّف على جهة الرواية بالمعنى. نعم، رواية الخطيب من طريق الأ بَّار عن يونس مقيّدة في مصنَّف للأبار يرويه الخطيب بذاك السند، لكن لم يقم دليل على أن الأ بَّار أثبتها في أصله عند السماع، إلا أن رواية ابن [١/ ١٥٢] عبد البر دلت على ضبط الأ بَّار. وإنما الظاهر أن يونس لم يكتب الحكاية عند سماعها من الشافعي، ولم يتقن حفظها، فاتسع في روايتها بالمعنى واحتاط.


(١) (١/ ١٢٩ - ١٣٠).