للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في أصله، ولم يُتقن حفظها، فلما احتاج إلى ذكرها في مصنَّفه رواها بالمعنى، ولما أحسَّ بالخلل بحسب الظاهر قال: «أو كلامًا هذا معناه».

فأما احتمال أن يكون التغيير من الخطيب خطأً، فباطل لأوجه:

الأول: ما تقدم من الدلالة على أن التغيير من فوق.

الثاني: أن الخطيب إنما يروي بذلك السند من كتاب معروف للأبار.

الثالث: أن الخطيب لم يكن يتساهل في الرواية من حفظه. وفي «تذكرة الحفاظ» (ج ٤ ص ٤) (١): «قال الحميدي: ما راجعت الخطيب في شيء إلا أحالني على الكتاب، وقال: حتى أكشفه». وفي الصفحة التي تليها عن السِّلَفي: «سألت أبا الغنائم النَّرْسي عن الخطيب؟ فقال: جبل لا يُسأل عن مثله، ما رأينا مثله، وما سألته عن شيء فأجاب في الحال إلا يرجع إلى كتابه». وفيها (ج ٣ ص ٣١٨) (٢) عن عبد الوارث الشيرازي: «كنا إذا سألنا عن شيء أجابنا بعد أيام، وإن ألححنا عليه غضب، كانت له بادرة وحشة».

الرابع: أن الخطيب يعلم عادة المحدثين في تتبُّع عثرات المحدِّث، مع أنه قد أوغر قلوب كثير منهم، فلو تساهل بالرواية من حفظه لِما أخذه من مصنَّف معروف ــ كما صنع الأستاذ ذلك في مواضع معتذرًا بما تقدم في ترجمة أحمد بن سلمان (٣) ــ لقالوا له: هذا كتاب معروف [١/ ١٥٤] متداول،


(١) (٤/ ١٢٠٣).
(٢) (٣/ ١١٤٢).
(٣) (رقم ١٩).