للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأخذ الأستاذ يتكلم على الروايات ثم يقول: «وهذا من المحفوظ عند الخطيب» ويشنِّع.

فأقول: قال ابن حجر في «النخبة» (١)، وقرره السخاوي في «فتح المغيث» (ص ٨٢) (٢): «فإن خولف ــ أي: الراوي ــ بأرجحَ منه لمزيد ضبطٍ، أو كثرة عددٍ أو غير ذلك من وجوه الترجيحات، فالراجح يقال له: المحفوظ، ومقابله وهو المرجوح يقال له: الشاذ».

فالمحفوظ عندهم ما كان أرجح من مقابله، فنَقْد كلمة الخطيب إنما هي بالموازنة، فإن بان رُجْحان ما ذكره أخيرًا صحَّ كلامه حتى على فرض أن يكون الثاني ضعيفًا، فإن الضعيف أرجح من الأضعف. ولا يضرُّه أن يكون فيما ذكره أخيرًا رواية ساقطة توافق أخرى قوية، أو [١/ ١٥٧] تكون عمن لم يتقدم في المناقب عنه شيء. ولا يحتسب على الخطيب ولا له بما عند غيره، ولا يؤاخذ في أحوال الرواة بخلاف اعتقاده واجتهاده، فإن مدار صدق كلمته على الرجحان عنده. وقد كنتُ جمعتُ ما في الترجمة عن أيوب والسفيانين وأبي بكر بن عيّاش ونظرتُ فيها، ثم كرهت شرح ذلك هنا لطوله، وإن كان فيه إظهار حجة الخطيب وتصديق كلمته.

وأقتصرُ في ترجمة الخطيب على هذا القَدْر، وأدَعُ الكلمات المفرقة في «التأنيب»، وسينكشف حال غالبها إن شاء الله تعالى.


(١) (ص ٧١ ــ مع شرحها).
(٢) (١/ ٢٣٠).