الكرابيسي يتكلم في أحمد، فقال:«ومَن حسين الكرابيسي لعنه الله ... ». وعن سفيان بن وكيع قال:«أحمد عندنا محنة، من عاب أحمد عندنا فهو فاسق». وقال ابن أعْيَن:
وإذا سمعتَ لأحمدٍ متنقِّصًا ... فاعلَمْ بأنَّ ستورَه ستُهَتَّكُ (١)
عرض الأستاذ في مواضع بالطعن في عقيدة الإمام أحمد، وتتبَّع أصحابه وأصحابهم طاعنًا في عقيدتهم؛ ليلجئ من يقرأ كتابه إلى اعتقاد الطعن في عقيدة أحمد نفسه. وقد أفردت البحث في العقائد بقسم خاص من هذا الكتاب، وهو بمثابة تتمة لترجمة الإمام أحمد، وأقتصر هنا على ما عدا ذلك.
قال الأستاذ (ص ٤): «من تابع أحمد بن حنبل وذكره بكثرة الحديث فله ذلك، لكن كثرة الحديث بمجردها إذا لم تكن مقرونة بالتمحيص والغوص تكون قليلة الجدوى».
أقول: نفيه عن أحمد التمحيص والغوص كذب مكشوف. فإن زعم الأستاذ أنه إنما أراد أن أبا حنيفة كان أبلغ في ذلك، قلنا: أما تمحيص الروايات لمعرفة الصحيح من السقيم، والراجح من المرجوح، والناسخ من المنسوخ؛ فأحمد أرجح الأئمة في ذلك، لأنه أوسعهم رواية، وأعلمهم بأحوال الرواة وعلل الحديث، وأعلمهم بآثار الصحابة والتابعين.
وأما تمحيص النصوص لمعرفة معانيها، فأحمد من أحسن
(١) «تاريخ بغداد»: (٤/ ٤٢١) وفيه: «وإذا رأيت ... ». ونسبه في «سير النبلاء»: (١١/ ٢٩٩) لمحمد بن عبد الله بن طاهر.