يُعرف ابن أبي خيثمة بالتوقِّي عن الرواية عن الضعفاء، فضلًا عن الكتابة عنهم. بل عامة المحدِّثين يكتبون عن كل أحد، إلا أن منهم أفرادًا كانوا يتقون أن يرووا إلا عن ثقة، ويكتبون عن الضعفاء للمعرفة، كما مر في ترجمة الإمام أحمد (١) مِن نَظَرِه في كتب الواقدي. وأحمد بن أبي خيثمة وابنه محمد، لو اتجه ظنُّ ابن حجر، كانا مشتغِلَين بجمع «التاريخ»، والتاريخ يحتاج إلى موادَّ وتسامحٍ في الرواية عن الضعفاء، فلو صحت القضية لما كان فيها إلا شهادة ابن أبي خيثمة لابن الصلت أنه كان يكتب معهم من زمان طويل. وبذلك علَّل أمرَ ابنِه بالكتابة عنه، على ما جرت عادتهم من الحرص على الكتابة عن المعمَّر، ولو كان ضعيفًا، رغبةً في العلوِّ. وعلى كل حال فليس فيها توثيق.
قول الأستاذ:«وفي شيوخه كثرة».
أقول: سيأتي كلام الأئمة فيه، وبه تَعرف أن من كان في مثل حاله، فالناس كلهم شيوخه!
قوله:«وقد أخذ عنه أناس لا يحصون».
أقول: أما المذكورون في ترجمته فقليل، ومع ذلك فليس فيهم من عُرِف بأنه لا يروي عن الساقطين. وهذا الكلبي أشهر الرواة بالكذب، روى عنه السفيانان وابن جريج وابن المبارك وغيرهم من الأئمة، فلم ينفعه ذلك.
[١/ ١٧٤] قوله: «وتحامل عليه ابنُ عدي كتحامله على البغوي».