وفوق ذلك، فالسِّمسار يظهر أنه لم يدرك ابن عيينة، وأن ابن الصلت افتُضح في روايته عنه أنه قال:«سمعت ابن عيينة»؛ فإن ابن عيينة مات سنة ١٩٨، والمسمَّون من شيوخ السمسار ماتوا بعد ذلك بزمان. فبشر بن الحارث سنة ٢٢٧، وعفان ٢٢٠، ونوح بن يزيد قريبًا من ذلك، ولم أظفر بتاريخ وفاته، لكن ذكروا في الرواة عنه أحمد بن سعد بن إبراهيم أبا إبراهيم الزهري الذي ولد سنة ١٩٨ ــ كما في «تاريخ بغداد»(ج ٤ ص ١٨١) ــ وأحمد بن علي بن الفضيل أبا جعفر الخرَّاز المقرئ المتوفى سنة ٢٨٦ كما في «تاريخ بغداد»(ج ٤ ص ٣٠٣) = فظهر بذلك أن وفاة نوح كانت سنة بضع عشرة ومائتين، أو بعد ذلك. أضف إلى ذلك أن من عادتهم أنهم يحرصون على أن يذكروا في ترجمة الرجل أقدم شيوخه وأجلَّهم، فلو عرفوا للسِّمسار سماعًا من ابن عيينة، أو أحد أقرانه، أو مَن قَرُب منهم؛ لكان أولى أن يذكروه في شيوخه من نوح وعفَّان.
فإن قيل: إن كان ابن الصلت أراد الكذب، فما الذي منعه أن يسمِّي شيخًا أشهرَ من السمسار وأثبتَ، لا يُشَكُّ في سماعه من ابن [١/ ١٩٤] عيينة؟
قلت: منعه علمُه بأن الكذب على المشاهير سرعان ما يُفتضح، لإحاطة أهل العلم بما رووه، بخلاف المغمورين الذين لم يرغب أهلُ العلم في استقصاء ما رووه.
ومع ما تقدَّم، فلا معنى للموازنة بين شيخ ابن الصَّلْت وبين ابن أبي عمر، ما دام ابن الصَّلْت فيه ما فيه. ومع ذلك فقد عضد الخطيب رواية ابن