للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عنده في «التاريخ» (ج ١٣ ص ٣٩٩ [٤١٩ - ٤٢٠]) من وجهين رجالُ كلٍّ منهما ثقات، وإن تكلم الأستاذ في بعضهم بما بيَّنتُ حاله في تراجمهم. والحميدي إمام، وإن كره الأستاذ. ثم أشار الخطيب إلى الكلمات الأخرى وهي معروفة.

ومن تأمل ما تقدَّم، وعرف ابنَ الصلت معرفة جيدة، ولم يُعمِه الهوى= لم يَرْتَبْ في صحة حكم الخطيب على ابن الصلت بأنه زاد تلك الزيادة من عنده. على أن المدار في هذه الأمور على غلبة الظن، فلا يُلتفت إلى الاحتمالات البعيدة؛ بل من تدبر ما يرويه ابن الصلت في [١/ ١٩٥] المناقب، وقارَنَ ذلك بما رواه الثقات فيها وفي غيرها= عرف تزيُّدَه في غير موضع. والله المستعان.

ثم قال الأستاذ: «فكأنَّ ابن الصلت كَفَر في نظر الخطيب بذكره أبا حنيفة في عداد (١) هؤلاء الثلاثة ... وهذا هو محض الإجحاف. أبو حنيفة الذي ملأ ما بين الخافقين علمًا ... إذا ذُكِر في صفِّ هؤلاء الثلاثة يكون ذلك من أبرز الحجج على كذب ابن الصلت كذبًا بيِّنًا. هذا ما لا يقوله إلا من اعتلَّ قلبه اعتلالًا لا دواء له ... ».

أقول: هذا ديدن الأستاذ: إذا أعْوَزته الحجة لجأ إلى التهويل على العامة! قد ذكر الخطيب حجَّتَه كما تقدم شرحه، وأئمة الحديث كثيرًا ما يطعنون مثل ذاك الطعن بنحو تلك الحجة، وإن كان المرويُّ فضيلةً للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، أو لأحد كبار أصحابه، كما تراه في كتب الموضوعات وكتب الضعفاء، فهل يُرَدُّ كلامُهم بمثل هذا التهويل! فلينظر


(١) (ط): «عدد».