للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكروا أن البخاري يقول: «فيه نظر»، أو «سكتوا عنه» فيمن هو عنده ضعيف جدًّا. قال السخاوي في «فتح المغيث» (ص ١٦١) (١): «وكثيرًا ما يعبِّر البخاري بهاتين ... فيمن تركوا حديثه، بل قال ابن كثير: إنهما أدنى المنازل عنده وأردؤها». ولم يقل البخاري في الحُنيني: «فيه نظر»، إنما قال: «في [١/ ٢٠٥] حديثه نظر» وبينهما فرق، فقوله: «فيه نظر» تقتضي الطعن في صدقه (٢). وقوله: «في حديثه نظر» تُشعر بأنه صالح في نفسه، وإنما الخلل في حديثه لغفلة، أو سوء حفظ.

ولعل الأستاذ يقول: هذا تمحُّل. فيقال له: ألم تقل (ص ٤٨): «وأما قوله في «تاريخه الكبير»: كان مرجئًا، سكتوا عنه وعن رأيه وعن حديثه، فبيانٌ لسبب إعراض من أعرض عنه». وقد علمت أن «سكتوا عنه» هي أخت «فيه نظر» بل هي الكبرى.

والمقصود هنا أن الحنينيّ كان صالحًا في نفسه، وقد سقنا شواهد ذلك. فأما حديثه، فكلمةُ البخاري تقتضي أنه مُطَّرَح لا يصلح حتى للاعتبار، وكذلك كلمة النسائي. وصنيع ابن حبان يقتضي أنه يعتبر به، وكذا كلمة الحاكم أبي أحمد. ويوافقهما قول ابن عدي: «ضعيف، ومع ضعفه يكتب حديثه». وكلمةُ البزار تقتضي أن حديثه كان قبل عَماه مستقيمًا، فيُنظر متى عمي؟ ومتى سمع منه الحسن بن الصباح؟ وهل روايته التي ساقها الخطيب من مظان الغلط؟


(١) (٢/ ١٢٢).
(٢) لكن قال الحافظ ابن حجر في «بذل الماعون» (ص ٩٢): «إنها عبارته فيمن كان وسطًا».