سليمان بن داود العقيلي قال: سمعت أحمد بن الحسن الترمذي يقول: (قال الخطيب: ح) وأخبرنا عبيد الله بن عمر الواعظ، [حدثنا أبي](١) حدثنا عثمان بن جعفر بن محمد السبيعي, حدثنا الفريابي جعفر بن محمد، حدثني أحمد بن الحسن الترمذي قال: سمعت أحمد ابن حنبل ... ».
قال الأستاذ (ص ١٦٣): «جعفر بن محمد الفريابي كان يجتمع عليه في مجلس تحديثه ثلاثون ألف رجل، بينهم نحو عشرة آلاف أصحاب محابر، فإذا روى مثلُه شيئًا يسير به الركبان. وهو الذي أذَّن على أُذُن مجنون على ملأ الأشهاد، فنادى الجنيُّ هاربًا بحيث يسمع الجماعة: «مَنْ بِشَوَمْ محمَّد مَكُو» على لسان المجنون. بمعنى: أنا أنصرف ولا تقل محمد، كما في «تاريخ الخطيب». ومثل هذا الراوي لا نستطيع أن نقول فيه شيئًا، والله من ورائهم محيط».
أقول: هذا الرجل من كبار الحفاظ والأثبات. فأما قصة التأذين في أذن المصاب، فقد كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يرقي ويأمر بالرقية، وكثيرًا ما تظهر فائدة ذلك حالًا. ومن المعروف بين الناس سلفًا وخلفًا أن المصاب يتكلم بكلام كأنه كلام شخص آخر، فيقول الناس: إن ذاك كلام الجني على لسان المصاب.
هذا، وذاك الكلام إنما سُمِع من المصاب، والقائلُ إنه كلام الجني هو راوي القصة، ولم يقع من الفريابي إلا التأذين في أذن المصاب اتِّباعًا لما ورد في الأثر، فأيُّ شيء في ذلك؟ !