قال المعلمي: لو كان لا بدّ من جرح أحد الرجلين لكان ابن زنبور أحق بالجرح، لأن عدالة الحارث أثبت جدًّا وأقدَم؛ لكن التحقيق ما اقتضاه صنيع النسائي من توثيق الرجلين. ويُحمَل الإنكارُ في بعض حديث ابن زنبور عن الحارث على خطأ ابن زنبور، وقد قال فيه ابن حبان نفسه في «الثقات»(١): «ربما أخطأ». والظاهر أنه كان صغيرًا عند سماعه من الحارث، كما يُعلَم من تأمُّل ترجمتهما.
وقد تقدم في ترجمة جرير بن عبد الحميد أنه اختلط عليه حديثُ أشعث بحديث عاصم الأحول، فكأنه اختلط على ابن زنبور بما سمعه من الحارث أحاديثُ سمعها من بعض الضعفاء، ولم ينتبه لذلك كما تنبه جرير. فكأنَّ ابن زنبور في أوائل طلبه كَتَب أحاديثَ عن الحارث، ثم سمع من رجل آخر أحاديثَ كتبها في تلك الورقة، ولم يسمِّ الشيخَ، ثقةً بأنه لن يلتبس عليه، ثم غَفَل عن ذاك الكتاب مدةً، ثم نظر فيه، فظنَّ أن تلك الأحاديث كلَّها مما سمعه [١/ ٢٢٤] من الحارث.
وقد وثَّق الأئمةُ جماعةً من الرواة، ومع ذلك ضعَّفوهم فيما يروونه عن شيوخ معيَّنين. منهم: عبد الكريم الجزري فيما يرويه عن عطاء. ومنهم: عثمان بن غياث وعمرو بن أبي عمرو وداود بن الحصين فيما يروونه عن عكرمة. ومنهم: عمرو بن أبي سلمة فيما يرويه عن زهير بن محمد. ومنهم: هشيم فيما يرويه عن الزهري. ومنهم: ورقاء فيما يرويه عن منصور بن