للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يدلُّ حتمًا على أحد أمرين: إما أن لا يكون حجاج اختلط، وإنما تغيَّر تغيرًا يسيرًا لا يضر؛ وإما أن لا يكون سمع منه أحد في مدة اختلاطه. والثاني أقرب.

فكأنّ يحيى بن معين ذهب إلى حجاج عقبَ قدومه، فأحسَّ بتغيره، فقال لابنه: لا تُدخِلْ عليه أحدًا. ثم عاد يحيى عشيَّ ذاك اليوم في الوقت الذي جرت العادة بالدخول فيه على القادم للسماع منه، خشيةَ أن لا يعمل ابن حجاج بما أمره به، فوجد الأمر كذلك: أذِنَ لهم الابنُ، فدخلوا، ويحيى معهم، فسكت أولًا، فلما أخذ حجَّاجٌ الكتابَ فخلَّط، قال يحيى للابن: ألم أقل لك؟ فكأنهم قطعوا المجلس، وحجبوا حجَّاجًا حتى مات، فلم يسمع منه أحد في الاختلاط. فلما وثِق يحيى وبقيةُ أهل العلم بذلك لم يروا ضرورة إلى أن يُشِيعوا اختلاط حجاج وبيان تاريخه، بل كانوا يوثِّقونه ويوثِّقون كثيرًا من الذين سمعوا منه مطلقًا؛ لعلمهم أن ما بأيدي الناس من روايته كلَّه كان في حال تمام ضبطه.

وفي ترجمة حجاج من «مقدمة الفتح» (١): «أجمعوا على توثيقه، [١/ ٢٢٧] وذكره أبو العرب الصقلي في «الضعفاء» بسبب أنه تغير في آخر عمره واختلط، لكن ما ضرَّه الاختلاط؛ فإن إبراهيم الحربي حكى أن يحيى بن معين منع ابنه أن يُدخِلَ عليه بعد اختلاطه أحدًا». فأما قوله في «التهذيب» (٢): «وسيأتي في ترجمة سُنيد بن داود عن الخلال ... »، فستعلم


(١) (ص ٣٩٦).
(٢) (٢/ ١٠٦).